

يوما عن اخر تزداد ممنوعات سلطة صنعاء، ما يحولها من سلطة معنية بخدمة الناس الى سلطة تدعي حراسة الاخلاق.
منعت الاختلاط في الجامعات، وقسمت ايام الاسبوع الى ايام للطلاب واخرى للطالبات، متناسية ان الجامعات مباني لتلقي العلم والمعارف.
قيدت حفلات التخرج في المدارس الثانوية والجامعات، ووضعت اشتراطات يصعب تنفيذها، وعندما تدقق فيها تجد ان من وضعها بات يشكك في اخلاق المجتمع وآدابه وقيمه.
وقبلها نزل رجال الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لطمس وجوه الاعلان على محلات الكوافير ومعارض بيع فساتين الافراح، ثم احرقوا ازمة الخصر بعد ان صادروها من مخلات خياطة البالطوهات، وفوق ذلك صادروا انواع والوان من الملابس بحجة انها مثيرة، والزمت ملاك باصات الاجرة بتحويل مقاعد الركاب المتقابلة الى متتالية.
وكثيرة هي الممنوعات التي فرصتها جماعة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بصنعاء، حتى صارت من الصعوبة بمكان الوقوف عليها.
اخر تقليعة
واخر تقليعاتها اشتراطها لتصوير الاعلانات التجارية التزام المعلن بعدم ظهور العنصر النسائي.
يقول لؤي النزاري في هذا السياق ان اخر صيحة من صيحات الموضة، إذا تشتي ترخيص تصوير إعلان، ضروري تلتزم إنك ماتطلعش بنات في الإعلان.
ويضيف ساخرا: الآن إذا معك إعلان حفاظات أطفال، يا تخلي الطفل يلبس الحفاظات بنفسه، بالذكاء الاصطناعي، وإلا شوف لك طفل لبيس منذ المهد، أو إنك تخلي الأب يغير الحفاظات للطفل”.
ويتابع النزاري: وإذا معك إعلان زيت وإلا طاوة، خلاص خلي رجال يطبخ عادي، أصلا الرجال فنانين في الطبخ أكثر من النسوان، وإذا معك سيناريو إعلان تصوير لعائلة كاملة، خلي الذي يمثل دور الأب رجال، والذي يمثل دور الأم رجال أيضاً، وانشر الإعلان في نت فلكس.
وبسخرية لاذعة يختم النزاري منشوره في الفيسبوك بعبارة (معاً نحو العالمية).
والمثير للغرابة ان السلطة تقوم بذلك، وكأنها قد اوجدت حلول لكل ما يعانيه المواطن، متناسية ان رقعة الفقر تتوسع يوميا، ومعها يزيد عدد المتسولين والمشردين والمرضى النفسانيين، وتتفكك الاسر، وتزيد حالات الطلاق والخلع.
مكافحة التسول
والاغرب من ذلك انه يوجد في صنعاء، لجنة لمكافحة التسول، ويرأسها مؤمن هو من يتولى توجيه رجال حراسة الاخلاق للقيام بغزوات تكسير اصنام العرض في محلات بيع الملابس، وطمس الوجوه، وازالة الاعلانات التي بجتهدون في انها تخالف القيم والاخلاق.
والحقيقة ان السلطة التي تفشل في توفير الخدمات تتحول الى حارس للأخلاق، متناسية ان اخلاقيات وقيم المجتمع لا تحتاج لسلطة تحرسها، وانما لسلطة تكافح الفقر والبطالة، وتبتكر افكار وتجترح الخطط لترفيه المجتمع، وتتشدد في مكافحة الفساد وتجريم المحسوبية، وتطبق شروط شغل الوظيفة العامة، وتدعم البحث العلمي لتجويد التعليم والتضييق على الجهل، وملاحقته الى الجيوب التي يتمترس فيها.
محفزات الابداع والابتكار
قائمة الممنوعات الطويلة للسلطة تجعلها في مواجهة المجتمع، بل ومعزولة عنه، ما يحول جغرافية السيطرة من مناطق جذب للنشاط الاقتصادي الى مناطق طاردة للانشطة الاقتصادية، لأن تنمية الانشطة الاقتصادية تحتاج الى بيئة تتوفر فيها الحرية الشخصية للفرد، باعتبارها القوة المحفزة للابداع والابتكار.