ارتدادات الخلاف السعودي الإماراتي على اليمن
الساعة 01:25 صباحاً

ثمة ضوء في نهاية النفق، هذا الضوء اشتعل جراء ارتفاع وتيرة الخلاف السعودي الإماراتي إلى الحد الذي بات يهدد بتفكيك منظومة التهديدات المشتركة التي شكلها تحالف البلدين العسكري منذ آذار/ مارس 2015 على الدولة اليمنية. يأتي ذلك بعد ست سنوات من الانسداد السياسي والعسكري والأمني لأفق الأزمة اليمنية، جراء سياسات نُفذت بصرامة شديدة لتبقى معادلةُ الحرب، كما تبدو اليوم، بين سلطة تزداد وهناً وضعفاً وأقل نفوذاً، وجماعات مسلحة بمشاريع تهدد بشكل مباشر الدولة اليمنية التي تَدخَّلَ التحالفُ العربي أو ما بقي منه لدعمها واستعادتها من الانقلابيين والمتمردين. ليس من قبيل الصدفة أن تتوالى التصريحات المنطوية على تحذيرات واضحة من ثلاث عواصم غربية كبرى، هي واشنطن ولندن وباريس، ضد ما وصفته بيانات منفصلة من هذه العواصم بـ"الإجراءات التصعيدية الأخيرة للمجلس الانتقالي الجنوبي". ليس من قبيل الصدفة أن تتوالى التصريحات المنطوية على تحذيرات واضحة من ثلاث عواصم غربية كبرى، هي واشنطن ولندن وباريس، ضد ما وصفته بيانات منفصلة من هذه العواصم بـ"الإجراءات التصعيدية الأخيرة للمجلس الانتقالي الجنوبي" لقد وصل التغاضي المقصود من جانب هذه العواصم، عن الاستفزازات الخطيرة لهذا المجلس المدعوم من الإمارات، نهايته المفترضة، في ظل ما يمكن وصفه بالغياب الفاعل للسلطة الشرعية، التي كان يمكن في حال حضورها أن تتحمل جزءا من المسؤولية عن التعثر الراهن في تنفيذ اتفاق الرياض على وجه الخصوص، بعد سلسلة طويلة من التنازلات المهينة التي قدمتها هذه السلطة على مذبح اتفاق الرياض. لا يتوقف الأمر عند عرقلة تنفيذ الاتفاق، بقدر ما تشير إجراءات الانتقالي إلى خطوات مقصودة لبناء سلطة انفصالية وتفجير الجغرافيا التي توصف بأنها محررة، وتجريف ما تبقى من نفوذ للسلطة الشرعية فيها، في وقت يبدو أن الموقف السعودي يزداد تشدداً تجاه مجال النفوذ الإماراتي وأدواته، وهو النقطة الجوهرية التي يُعنى بها هذا المقال، في ضوء توفر معطيات في غاية الخطورة بشأن مصير المجلس الانتقالي وقياداته، تأسيساً على رغبة سعودية في نفيهم خارج مدينة عدن التي يتحكمون فيها عسكرياً وأمنياً تحت أنظار القوات السعودية. فوفقاً لمصادر مطلعة، ثمة تعليمات أصدرتها القوات السعودية في عدن إلى قيادات المجلس الانتقالي؛ بضرورة مغادرة العاصمة المؤقتة عدن، وهو إجراء سبق وأن امتثل له قادة المجلس عندما كانت العلاقات بين الرياض وأبو ظبي مستقرة إلى حد ما، أو لم تكن لتسمح بأن يطفو الخلاف الداخلي بين الحليفين اللدودين إلى السطح، إذ يبدو الخلاف هو السمة السائدة في علاقات البلدين، في الماضي كما في الحاضر، وله مسببات التاريخية والمعاصرة على حد سواء. المواقف المتشددة من جانب العواصم الغربية يبدو أنها تشير إلى مستوى التكامل الحاصل بين موقف الرياض ومواقف هذه العواصم، خصوصاً وأن الأمر تستدعيه حالة الاتفاق الأخلاقي على أن الأزمة والحرب في اليمن ينبغي وضع حد سريع لهما، وهو هدف يستدعي بالضرورة موقفاً واضحاً من التهديدات التي يمثلها المجلس الانتقالي وفي تقديري فإن المواقف المتشددة من جانب العواصم الغربية يبدو أنها تشير إلى مستوى التكامل الحاصل بين موقف الرياض ومواقف هذه العواصم، خصوصاً وأن الأمر تستدعيه حالة الاتفاق الأخلاقي على أن الأزمة والحرب في اليمن ينبغي وضع حد سريع لهما، وهو هدف يستدعي بالضرورة موقفاً واضحاً من التهديدات التي يمثلها المجلس الانتقالي وتشكيلاته المسلحة على الدولة اليمنية، بالقدر الذي يمثله تهديد جماعة الحوثي الانقلابية في شمال البلاد. لا يحتاج الأمر إذاً إلى رؤية استثنائية للتأكد من أن ارتدادات محتملة قريبة ستحدث على الساحة اليمنية، تخصم من رصيد الإمارات ونفوذها وسلطة التشكيلات السياسية والمسلحة التابعة لها في ثلاث محافظات على الأقل، هي عدن، وأرخبيل سقطرى، ولحج، والضالع، وأجزاء من محافظة أبين. ليس بوسع أي طرف اليوم أن يلوم الرياض على سلوكها المتشدد تجاه المجلس الانتقالي، في ظل انحسار مساحة المناورة أمام هذا المجلس الذي لطالما تحدث عن امتثاله للوساطة السعودية؛ لكنه باستمرار كان يقف عقبة كأداء أمام تنفيذ اتفاق أشرفت عليه الرياض من أول طلقة في عدن إلى التوقيع عليه. وهذا الأمر كان يمكن أن يستمر بذات المستوى، لكن تصاعد الخلاف السعودي الإماراتي يستدعي وجهاً سعودياً آخر للتعاطي مع رجال أبو ظبي الذين يعتبرون أنفسهم حراساً مخلصين للمشروع الإماراتي في اليمن، وهو المشروع الذي تؤتى منه السعودية ويجري إضعافها بشكل ممنهج، وهو سلوك يبدو أن أبو ظبي تتورط فيه بشكل أو بآخر. ما يهمنا هو مراقبة الموقف السعودي للتأكد من أن أي تطور في العلاقات مع أبو ظبي سيقاس بمدى انعكاسه على التزام السعودية تجاه اليمن، واستعداداها لتصحيح مسار تدخلها العسكري، لتنتهي الحرب بضمان كامل لمصالح الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية معاً ما من خيار أمام المجلس الانتقالي ورموزه سوى إعادة تكييف دورهم لصالح النفوذ السعودي، وهذا يبدو صعباً للغاية، بالنظر إلى عوامل عدة؛ من بينها أن أبو ظبي لا تزال تحتفظ بعائلات هذه القيادات بمثابة رهائن، ثم إنها أغدقت عليهم وأعادت تكييف مواقفهم السياسية وحتى الأخلاقية، ليبدو أكثرهم تشدداً مبتذلاً إلى حد لا يطاق، في إظهار الانفتاح الانتقائي والتظاهر بالتسامح، وفي الآن نفسه العمل كأدوات قتل حادة في عدن وغيرها من محافظات البلاد، عبر استهداف العشرات من القيادات الحزبية تلك التي تعمل لصالح الدولة اليمنية. وما يهمنا هو مراقبة الموقف السعودي للتأكد من أن أي تطور في العلاقات مع أبو ظبي سيقاس بمدى انعكاسه على التزام السعودية تجاه اليمن، واستعدادها لتصحيح مسار تدخلها العسكري، لتنتهي الحرب بضمان كامل لمصالح الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية معاً

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص