وقف الحرب والجنوح للسلام في اليمن انتصار والاستمرار بها هزيمة
الساعة 08:00 مساءً

 

6 سنوات من الحرب اليمنية ولا بوادر امل في التوصل الى حل شامل بوقف الحرب واستعادة السلام 
بل ان  مأزق استمرار الحرب الحالية صار كابوساً يؤرق الجميع، فقد زادت مآسيها الإنسانية وتبعاتها السياسية والاقتصادية على الجميع، في وقت تحتاج معه اليمن الى  تركيز الجهودحول قضايا ملحة على رأسها إنعاش الاقتصادات الذي يعاني الآثار التي خلفتها الحرب وما سببته من تقلص النمو الاقتصادي وانخفاض معدلات التنمية، ما نتج عنه ضعف القدرة الشرائية عند الجميع، بالإضافة إلى انخفاض تصدير  النفط وتدهور أسعاره، وهو ما يتطلب تفكيراً جديداً  للبحث في مخارج سريعة من انسداد مسار المحاولات المتكررة منذ 2015، التي لم يتم تطويرها بإيجابية وجدية، إذ يتمسك كل طرف بما يمتلكه من ذخيرة سياسية وعسكرية في محاولة لفرض شروط تحدد مسار وشكل العملية السياسية التي يدعو إليها الجميع ويعتبرونها الحل والمخرج

لقد خلفت الحرب، التي لم يتوقف لهيبها، جروحاً عميقة في المجتمع اليمني، ومخطئ من يظن أن النموذج الليبي الهش يمكن استنساخه في اليمن، لأن الانقسامات في ذلك البلد البعيد عنا مسافة جرت بخطوط جغرافية واضحة، كما أن الفوارق المذهبية غائبة عن المشهد هناك، في حين يعاني اليمن تهتك النسيج الاجتماعي على كل المستويات، وفي كل الاتجاهات، وطال الضرر البنية الكلية داخل المجتمعات الأصغر، فقد بعثت الحرب وتبعاتها جروحاً اجتماعية ومذهبية ومناطقية، ولن يتعافى اليمن إلا بوجود سلطة دولة متوافق عليها تمكن من ضبط حركة المجتمع الأكبر والمجتمعات الأصغر داخله، وليس في ذلك تناقض مع فكرة الدولة الاتحادية، أو ما يقترب منها جوهرياً، ولكن ذلك لا يمكن تحققه من دون عوامل موضوعية تسمح بالانتقال الهادئ وغير القسري من سيطرة القطب الواحد إلى تعدد مراكز الحكم تحت مظلة دستور واحد، وقانون واحد، وجيش واحد.


إن مما لا شك فيه بروز عديد من القضايا التي لا يحتاج تنفيذ حلولها إلا الى  حس وطني وأخلاقي يبتعد عن الرغبة في الانتقام أو الظن بأن السلاح قادر بمفرده على حسم النزاع، وإنهاء الحرب وانفراد طرف بالسلطة، ويجب أن يتذكر الحوثيون أنهم كانوا يرفعون شعار المظلومية، فتحولوا في نظر قطاع كبير من المواطنين إلى حكام ظالمين وقُساة، وعلى الجميع إدراك أن السلاح وحده  يمكنه أن يحسم معركة هنا، وأخرى هناك، لكنه لن يمنح مستخدمه النصر الكامل و الأمان طويلاً، إذ إن دورات الدم ستتعاظم وستستمر طالما شعر أي طرف بأنه تعرض للظلم والاضطهاد.
فالحرب مهما طال أمدها لن تنتهي بتوصل أي طرف إلى انتصار يمكنه من فرض قواعد اللعبة السياسية، وثانيها أن الخطوات التي تتعلق ببناء الثقة لم تعد مجالاً للبحث بعد فشل اتفاق استكهولم وتحوله عن أغراضه الإنسانية إلى إعادة ترتيب الأوضاع العسكرية داخل مدينة الحديدة، والاستحواذ على الإيرادات والتصرف بها من دون التزام بالتفاهمات المتفق عليها، وثالثها أن هناك حاجة ملحة إلى ترتيبات بعضها محلي يسمح بفتح المعابر بين المدن كافة، وآخر بضمانات إقليمية ودولية تعيد الحركة إلى مطار صنعاء ورفع الحصار عن ميناء الحديدة مع استمرار الرقابة الصارمة للتأكد من عدم استخدامهما لأغراض غير مدنية، ورابعها ضرورة البحث في تشكيل مجلس إدارة جديد للبنك المركزي لتسهيل نشاطه والقيام بمهامه في عموم اليمن، وأخيراً، إطلاق جميع المعتقلين من السجون اليمنية كافة، ووقف كل المحاكمات الاعتباطية التي تجرى في صنعاء والاحكام غير الدستورية ضد مخالفيهم ومصادرة ممتلكاتهم، لأن القول باستقلالية القضاء ليس مقنعاً، وحجة غير مقبولة، وهي بالمطلق أحكام سياسية مجردة من كل بعد إنساني.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص