اخطار تواجه المشروع القومي للاقيال
الساعة 03:38 مساءً
تمهيد ظهر مصطلح الاقيال ومشروع الفكرة القومية اليمنية التي ينادون به كردة فعل دفاعي جماهيري يمني ضد المشروع السلالي الهاشمي للحركة الحوثية، فالحروب التي شنتها السلالية الهاشمية، عبر تنظيمها المليشاوي المسلح، جماعة الحوثي، ضد الشعب اليمني، والتي ما تزال رحاها مستمرة، لم تكن حربا طائفية او دينية او بين انقلاب وشرعية، بل حربا ونزاع عرقي اجتماعي، بين فئة سلالية عرقية، الهاشميين، تدعي الاصطفاء الالهي والحق الالهي في السلطة والحكم والثروة وبين الشعب اليمني. لم يولد هذا المشروع الفكري القومي الجديد للشعب الأمة اليمنية، من رحم تلك البؤر النخبوية السياسية والعسكرية والثقافية والاجتماعية التي تأمرت على اسقاط الجمهورية وتسليمها الى السلالة الهاشمية والتي نشأت في ظل العلاقات الزبائنية وترعرت في ثقافة الخنوع والاستقالة السياسية والأخلاقية، وإنما خرج هذا المشروع الفكري من وسط أجيال جديدة شابة لم تعرف حياة الذل والمهانة والزبائنية ولم تتعامل معها. ما جمع بين هؤلاء الاقيال كما يسمون انفسهم لم يكن العقيدة الواحدة، ولا القبيلة او العشيرة او المنطقة الجغرافية الواحدة، ولا الدين أو المذهب الواحد، وإنما الإرادة الواحدة في العيش بكرامة وحرية، ومحاولة احياء الثقافة والهوية الوطنية التاريخية والحضارية الجامعة لليمن، وإعادة بناء الدولة اليمنية التي دمرتها ومزقتها الحرب الوحشية لمليشيات السلالة الهاشمية، وبنائها على أسس العدل، وحكم القانون، والحرية والمساواة والتعاون والتضامن بين أعضائها. صحيح ان الفكرة القومية للاقيال يعد مشروعا كبيرا للجماهير اليمنية، ولكن هذا المشروع الفكري ما يزال في مراحله الاولى، حيث يواجه الاقيال اخطار وتحديات، ذاتية وخارجية، تهدد باجهاض مشروعهم الفكري القومي في مهده. وسوف نسعى في هذا المقال الى التعرف على تلك الاخطار التي تهدد الحركة القومية اليمنية اقيال ومشروعها الفكري القومي الذي تتبناه. اولا/ الاخطار الذاتية تشكل العوامل الذاتية الداخلية خطرا حقيقيا وكبيرا يهدد بشكل فعلي باجهاض المشروع القومي للاقيال في مراحله الاولى. ومن ابرز تلك الاخطار الذاتية الداخلية للاقيال ما يلي : - حركة احتجاجية : تتمثل الخاصية الاولى للحركة القومية اليمنية اقيال في كونها حركة غير حزبية تقليدية وتفتقد الى الالتزام الأيديولوجي، فهي حركة مقاومة ومعارضة شعبية تتقن الاحتجاج الذي لا يحتاج إلى تنظيم، لأن أي تنظيم مهما كان ضئيلا غير ممكن؛ لكنها لا تتقن البناء والعمل الإيجابي. ولا يربط بين أفرادها سوى العداء المشترك للسلالة الهاشمية وممارساتها. ولذلك فكونها تنطوي على فئات متنافرة ، فان حركاتها غير متحدة وعرضة للتمزق والتشرذم بسهولة كبيرة. صحيح يمكن للعداء المشترك للسلالة الهاشمية أن يجمع الناس في مظاهرة أو موقف؛ لكنه لا يكفي لإقامة مؤسسات وإبداع مبادرات ووضع إستراتيجيات طويلة المدى، هذا العمل يحتاج إلى خبرة سياسية، وإلى مؤسسات. ولذلك يمكن القول بان التشتت الذي تعاني منه الحركة القومية والأوساط الشعبية اليمنية بشكل عام، هو نتيجة سياسيات الأنظمة البائدة الهمجية التي حكمت اليمن والتي حرمت اليمنيين لعقود طويلة من أي خبرة تنظيمية، مدنية أو سياسية، وحطمت نوابض اجتماعه التضامنية. - الاعتماد على السوشيل ميديا: يشكل الاعتماد بشكل شبه كلي على وسائل الاعلام الالكترونية - السوشيل ميديا- الخاصية الذاتية الثانية للاقيال، حيث ينشط رواد المشروع القومي اليمني في وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الفكر القومي ومقارعة المليشيات والمشاريع تحت الوطنية والعنف والاحتلال وغير ذلك. وبالرغم من التأثير الذي أحدوثة، الا انه يبقى محدود وغير فعال بشكل كبير، حيث بقي الاقيال وفكرهم القومي حبيسا في العالم الافتراضي، ولم يبذلوا اي جهد يخرجهم وفكرهم من العطالة النضالية التي يمارسونها في وسائل التواصل الاجتماعي، والدخول الى الفضاء السياسي الاجتماعي الحقيقي اليمني العام، والانخراط في النشاط العملي مع الجماهير اليمنية التي تخوض منذ سنوات معركة بطولية لاستعادة الجمهورية وانتزاع الحق في تقرير مصيرهم وتنظيم شؤون وطنهم ومجتمعهم بأنفسهم. وبكل اسف نقول لن يستطيع الاقيال، اذا ظلوا وفكرهم حبيسين داخل العالم الافتراضي، من استعادة دورهم في قيادة المجتمع ومؤسساته المختلفة من دون الانخراط في ميادين النشاط الاجتماعي، وإعادة بناء قوتهم الذاتية والتحول الى قوة فاعلة ومتضامنة ومناضلة على ارض الواقع - فراغ في الفكر والرؤية: الفكر، كما طرحه خلدون النقيب، هو الأداء الذي نحدد بواسطتها مكاننا في التاريخ، وموقفنا من التراث، وعلاقتنا بالعالم المحيط بنا وبالجماعات الاخرى. والفكر ليس أداة تأمل فقط، وان كان ينطوي على قدر كبير منه، وانما الفكر أداة نضال، أداة كفاح، الموجه للفعل. والعنصر الذي يعطيه معنى هو اليوتوبيا - الطوبى ، عند كارل مانهايم ، الفكر يشمل كل ما ينتجه العلم والأدب والفن والمعمار ووسائل الاعلام ، وما يدرس في الجامعات وما تنتجه الجامعات، هو الثقافة بكل أشكالها . فالفكر كما نعرف يوجه الممارسة ويحصنها من الشطط والانحراف والانزلاق في الوجهة الخاطئة، فيما الممارسة تغني الفكر وتطرح عليه التحديات الحقيقية التي ينبغي الاستجابة لها " [1]. ومن الأمور التي تسترعي الانتباه في الخطاب الفكري القومي للاقيال، التوقف المديد لحركة إنتاج الأفكار الكبرى داخل هذا الخطاب وتراجع المنحى التنظيري، وتفصح ذلك عن وجود فراغ في الرؤية، إذ ما عاد في وسع معظم من يكتبون اليوم من الاقيال أن يقدموا جديداً إلى التصورات الاولية التي أنتجها هذا الفكر تطويراً وإغناءً ومراجعة. ويكفي ان نلقي نظرة سريعة على ما ينشره الاقيال لكافية لرؤية المازق المسدود للفكرة القومية، فهذا المشروع لم يستطع بعد ان يتحول الى فكر مستقل، لم يستطع أنصاره ان يظهروا حدود هذا المشروع العملي، ان يبينه نظريا ويبين مضمونه الحقيقي. انه ببساطه لا يمكن ان يكون فكرا بمعنى الكلمة، فكرا منتجا، باعتبار ان كل فكر هو اساسا مشروع نظري عام. مشروع شمولي في فهمه وتنظيره وتخطيطه، هو اساس كل مشروع تغيير، اي هو مشروع للتغيير. - الرهان على تعبئة القيم والمشاعر الوطنية: منذ ظهور الاقيال كحركة فكرية راهن افراد هذا التيار في خطابهم على تعبئة القيم والمشاعر الوطنية اليمنية لمواجهة مشروع السلالة الهاشمية ولمواجهة مخاطر الانقسام والتشتت والانهيار. وقد استند الاقيال في خطابهم القومي- بوعي او بدون وعي - على النظرية القومية الكلاسيكية التي تقوم على الاعتقاد بأن الانتماء إلى جماعة ثقافية وتاريخية وحضارية واحدة يفترض بحد ذاته وجود تيار عميق وقوي يدفع بها نحو التلاحم والتضامن والاتحاد. فالنـزوع إلى التقارب والوحدة كامن في الثقافة التاريخية الواحدة. ويكفي أن نحك هذه الثقافة أو نستثيرها ونهيجها حتى نحرك جدلية التضامن الوطني "[2]. ولا يزال الاقيال يراهنون على استثارة الذاكرة الثقافية اليمنية وروح الانتماء إلى جماعة تاريخية حضارية من أجل الوقوف في وجه المشاريع غير الوطنية وحركة التشتت والتفكك الوطني الشامل. ان نتائج هذه الرهانات، الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة، كارثية، والسبب أن درجة التضامن أو بلغة ابن خلدون، قوة العصبية الطائفية والجهوية والقبلية أقوى من العصبية الوطنية، وأن فكرة المصلحة الجزئية والعائلية أعمق من مفهوم المصلحة الوطنية. ولعل البرهان على ذلك امثلة كثيرة، الاول ما تعرضت له الوحدة اليمنية عام 1994.والمثال الثاني ما تتعرض اليه اليوم اليمن. فلم يمنع الأصل الثقافي والسكاني الواحد للشعب اليمني، ولا الحماسة العاطفية الفعلية والشعور العميق بالانتماء إلى أصل واحد لدى اليمنيين، من اصطفاف جزء لا يستهان به من الجماهير اليمنية خلف المشاريع غير الوطنية السلالية في الشمال والجهوية الانفصالية في الجنوب، وتعرض البلد للتمزق والتشتت والتفكك ودخولها في حالة انهيار. - الرهان على العنف اللفظي: على الرغم من الكارثة التاريخية التي منيت بها اليمن نتيجة عودة السلالة الهاشمية الى الحكم بقوة السلاح والتي أدت حروبها الوحشية الى تدمير الدولة والمجتمع اليمني ومزقته أشلاء، اتسمت استجابات الشعب اليمني عموما والأقيال خصوصا، لهذه التحدّيات، منذ الكارثة ، بردود الأفعال التي تفتقر، ولا تزال، للرؤية البعيدة العالية، وللاستراتيجية الشاملة، واتخذت بصورةٍ أوضح في وسائل التواصل الاجتماعي، شكل التشنجات والتهجمات الفردية والجماعية، وزيادة الرهان على العنف اللفظي الأعمى الذي يضر الاقيال ومشروع الفكرة القومية اليمنية التي يحملونها، أكثر مما يضر خصومهم ومشاريعهم غير الوطنية. والحال، لا يمكن لمثل هذا العنف اللفظي وردود الفعل التي تسم استجابات الاقيال أن يقدم أي حل، أو مخرج للمشكلة والكارثة اليمنية، وهو تعويض عاطفي رخيص، لا جدوى منه، فلن تقدم لنا أي أمل أو عزاء. بالعكس، وظيفته الرئيسية أن تخفي عنا بؤس نخبنا وقياداتنا، وقصور تفكير الاقيال وافتقارهم الى الرؤية المتسقة والاستراتيجية الفعالة لمواجهة التحدّيات التاريخية التي تعصف باليمن، فلم يعد التحدي الاكبر الذي نواجهه اليوم، بعد هذا الخراب الذي أحدثته حروب مليشيات السلالة الهاشمية الحوثية، تفكيك ازمة المجتمع واعادة اصلاح النظام السياسي وقواعد ممارسة الحكم والسلطة، وإنما صار أكبر بكثير : إعادة بناء المجتمع نفسه الذي دمرته الحرب العلنية الوحشية والناعمة ومزقته أشلاء، وبناء الشعب والدولة والاقتصاد وكل شيء ووقف السقوط اكثر في الهاوية. وبالتالي، فإن ردود الأفعال تلك تمنع من البحث عن قيادة جديدة فاعلة، تستطيع أن تساعد على وضع حد للكارثة والهزيمة والنكبات المتكرّرة التي أصبحت الإنجاز التاريخي الوحيد لليمنيين. والمقصود هنا القيادة التاريخية ليس الشخص او الزعيم الملهم والقائد الفذ الذي يفرض نفسه بالقوة ويجبر الجميع على اتباعه والسير وراءه، ولكن بالعكس، بمعنى وجود الرؤية الصائبة للواقع التي تتحدد فيها الأهداف والوسائل وخطة العمل وتحظى بقبول الشعب وتأييده، والمعرفة الصحيحة بمنطق التطورات والأحداث الجارية، كما تعني العثور على الصيغة العملية القادرة على توحيد القوى، وتجميع الأفراد والجماعات في مسار واحد للعبور نحو الضفة الأخرى، والانتقال من العبودية إلى الحرية. - التمركز حول الذات: خلال الفترة الماضية ظهرت ابرز نقاط الضعف التي يعاني منها الاقيال، وأهمها التمركز حول الذات الذي يعاني منه معظم الاقيال، ربما بسبب طبيعة عملهم وتنافس بعضهم على السمعة والظهور في ظل وضع يحرم الجميع من أي اعتبار. فهمشوا تماما، أو بالأحرى همشو أنفسهم بنزاعاتهم الداخلية، الشخصية والإيديولوجية، وبدل أن يعيدوا اكتشاف السياسة وينجحوا في تنظيم حقل نشاطهم المهدوم، ويتحولوا من جديد إلى نخبة متفاعلة ومتجانسة تفاقمت العداوات في ما بينهم وزاد انقسامهم، وتحولوا إلى شراذم خدمت مهاتراتهم صعود منافسيهم. ثانيا/الاخطار الخارجية لا تقل الاخطار الخارجية التي تواجه المشروع القومي للاقيال ضراوة عن الاخطار الذاتية، وتتوزع بين اخطار محلية واخطار اقليمية ودولية. أ - الاخطار المحلية: تتمثل الاخطار المحلية التي تواجه المشروع القومي للاقيال بما يلي : 1 - خطر الشيطنة : ان اخطر ما يواجهه الاقيال ومشروعهم القومي، هو خطر الشيطنة، شيطنة الافكار والأدوات والرموز المدافعين عن الفكرة، والهدف من هذه الشيطنة هو ان يصبح الفكر القومي اليمني خارج التداول. وهذه الشيطنة جزء لا يتجزأ من عمليات تهميش الكتل الجماهيرية اليمنية وحرمانها من الرؤية الموضوعية والناجعة لشرط تحررها، ومن ثم تكريس السيطرة عليها واستغلالها. اذ ليس من صالح القوى السياسية والمليشيات السائدة اليوم في اليمن والمدعومة من الخارج، وجود المشروع القومي الذي يتبناه الاقيال كمشروع منافس لمشاريعها غير الوطنية. 2 - الفوضى والمليشيات لا شك ان استمرار الحرب وعدم حسم المعركة، أدى الى واقع جديد يتمثل بوجود فاعلين غير الدولة، السلالة الهاشمية ممثلة بجماعة الحوثي في الشمال، والمجلس الانتقالي الانفصالي في بعض المحافظات الجنوبية، وضعف السلطة الشرعية حد الاختفاء في المناطق المحررة. هذا الواقع الجديد يحتاج الى تشخيص دقيق للتعامل معه ووضع خيارات كبرى وخطط استراتيجية طويلة وقصيرة ومتوسطة المدى تمكن الاقيال من التحرك لفرض مشروعهم، ولا يخفى على احد ان هذا الواقع يجعل الاقيال ومشروعهم القومي في موقف لا يحسد عليه، ففرصهم للتحرك غداً صعب وليس لديهم خيارات كبرى تستطيع أن تقاوم القوى المليشياوية المدعومة من الاطراف الخارجية، خاصة وأنهم لا يمتلكون القوة العسكرية ولا المادية ولا يملكون الوسائل الفكريّة الناضجة والسياسيّة التي تسمح لهم بقيادة الجماهير اليمنية. حتى اذا امتلك الاقيال العودة إلى الشارع اليمني وإلى المظاهرات السلمية، إلى أي حد سيكون العمل السلمي فعالا ومجديا في مدن مملوءة بالمليشيات العسكرية المسلحة ستمارس عليهم كثير من القمع ان تحركت؟ ب - اخطار إقليمية ودولية رغم اني لست من أنصار نظرية المؤامرة ، الا انني اعتقد ان ما شهده الحقل السياسي اليمني عام 2014، كان ناتج عن إستراتيجية تدخل قسرية إقليمية ودولية وتنفيذ وكلاء محليين بهدف إعادة صياغة الحقل السياسي والجغرافي والاجتماعي والطائفي اليمني. وهذا الالتقاء حقق أهداف الأطراف والوكلاء المحليين المتباينة. والمقصود بالوكلاء المحليين، جماعة الحوثي ورأس وأنصار النظام السابق الذين يسعون للعودة للسلطة كمشاريع سلالية وعائلية تم القطع معها وطنياً عام 1962 وفبراير 2011. اما الأطراف الإقليمية والدولية فهم: الطرف الإقليمي الخليجي الذي كان يهدف إلى إيقاف الاتساق في الانتقال الديمقراطي الذي تموضعت في مساره اليمن وبلدان ثورات الربيع العربي. والطرف الدولي الذي يهدف توجهه الى تغيير شكل دول العالم العربي من البسيطة إلى المركبة الفيدرالية؛ ليس كما هي في الغرب قائمة على علاقات تعاقدية تحرسها الثقافة الداعمة وإنما على علاقات تعاقدية محفوظة بقوة رعاية إقليمية ودولية، وذلك بما يفقد الأقاليم القدرة على التكامل الوطني وتحافظ على جاهزية فك الارتباط "[3]. بمعنى احلال حكم المليشيات كبديل لنظام الطغيان الذي اسقطه اليمنيون عام 2011، والذي من خلاله تضمن هذه الاطراف تقسيم البلد وتمزيق الشعب وعودة الاستعمار بشكل ‫"شرعي‫" وغير شرعي، أي بطلب من حكم الطغيان نفسه، إن لم يكن بطلب من السكان المذعورين من بطشه، لوضع يدها على البلد والمجتمع وقيادتها‫. ‬‬‬‬‬‬‬‬وهو ما تم بالفعل بعد سيطرة جماعة الحوثي على الدولة اليمنية واستيلاها على الحكم في صنعاء عام 2014. لقد أدت الحرب الى وجود فاعلين مليشياويين غير الدولة وتناسل المليشيات والى انهيار وتفكك الدولة، وتمزق الشعب، وانتشار النزاعات والفوضى وعودة الاستعمار. ومن هنا يمكن القول ان المشروع القومي الذي يحمله الاقيال يشكل خطرا على مصالح ومشاريع الأطراف الإقليمية والدولية، لأنه بمقدار ما يؤدي إلى تحرر الشعب، وإطلاق طاقاته، ووضعه في دائرة القرار والسيادة ، يعني خسارة السيطرة الخارجية المباشرة عليه وضياع الأمل في التحكم بتقرير مصيره. - الخاتمة : ما العمل وكالجندي الذي لا يرى انهيار مقاومة قطعته ، يستمر الاقيال - بوعي او بدون وعي- في عزلتهم بشكل كبير عن الجمهور اليمني الواسع، والابتعاد عن مشاكله ومعاناته، وفي حالة الجمود في العالم الافتراضي والنقاشات السجالية العقيمة والمشاحنات والتراشق بالاتهامات، وكانهم غير معنيين او مدركين للاخطار التي تحدق، من كل الجهات، بالمشروع القومي للامة اليمنية. ان انصرافهم عن معالجة القصور الذاتي الداخلي الذي يعانون منه وتوقفهم عن الانتاج الفكري والسياسي لإكمال المشروع القومي الوطني، وعدم البدء بصياغة الرؤية الصائبة للمشروع القومي للامة اليمنية التي تتحدد فيها الأهداف والوسائل وخطة العمل وتحظى بقبول الشعب وتأييدها، والمعرفة الصحيحة بمنطق التطورات والأحداث الجارية، سوف يؤدي، لا محالة، الى نتائج كارثية، محولا المشروع القومي للاقيال الى منشورات ذكرياتية في وسائل التواصل الاجتماعي. ولا يخفى على احد، اننا اليوم أمام واقع جديد، على المستويين المحلي والاقليمي والدولي. ونجاح المشروع القومي يحتاج إلى فهم هذا الواقع وبناء القوة السياسية الحاملة له والقادرة على التغيير من داخل هذا الواقع، ولن يكون الحامل لهذا المشروع القوى السياسية اليمنية المؤكسدة، بل الكتلة الجماهيرية اليمنية المشتتة والمشردة والمهمشة. وهذا يعني أن نجاح المشروع القومي للاقيال ليس مستحيلا، وأن قواه ليست غائبة، ما هو غائب هو المشروع الفكري والسياسي القادر على تفعيل هذه القوى والتأليف بينها وتوجيهها في الاتجاه الصحيح. - قائمة المراجع 1 - خلدون حسن النقيب، آراء في فقه التخلف ،ص ٣٨٤ ، ٣٨٥. 2 - برهان غليون، معوقات العمل الوحدوي العربي وسبل تجاوزها: المستقبل العربي ، بيروت، 2009-09-03. 3 - عبدالباقي شمسان، مقابلة صحفية: صحيفة اليقين، 25 يناير 2015.
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص