الفشل الذريع في اليمن... يكتبه وائل عصام
الساعة 09:05 صباحاً
ما أعلنه بايدن بالأمس عن وقف الدعم العسكري الأمريكي للسعودية في حرب اليمن، هو بمثابة إعلان فشل الحرب السعودية وعمليتها «عاصفة الحزم» في استعادة صنعاء من قبضة الحوثيين. ويأتي هذا الإخفاق للسعودية والإمارات في اليمن مضاعفا، فإعلان الرئيس الأمريكي يعني في ما يعنيه، أن الدعم الأمريكي لم يعد مجديا وكافيا لكسب الحرب، بسبب ضعف الأداء العسكري والسياسي لدول التحالف في اليمن. ومنذ سنوات، يعبر أكثر أعضاء الحزب الديمقراطي عن تململ كبير من حرب اليمن، واحد من أبرز الاصوات الداعية لوقف حرب اليمن، هو الدكتور نبيل خوري الدبلوماسي الأمريكي المخضرم من اصل لبناني، الذي سبق أن عمل ناطقا للخارجية الأمريكية في العراق عقب الاحتلال عام 2003، وبعدها عمل نائبا للسفير الأمريكي في اليمن، وعندما التقيته في واشنطن قبل عامين، كان أكثر ما يشغله هو حرب اليمن، حيث أدى التماهي الكبير لسياسة ترامب مع القيادة السعودية لتوريط واشنطن بحرب لا نهاية لها، ولا أفق فيها، وهو ما عبّر عنه بشكل أوضح وتفصيلي في مقال مهم نشره في مركز أتلانتيس للأبحاث، قبل نحو شهر، دعا فيه إدارة بايدن إلى إنهاء حرب اليمن، موضحا أن قرار كهذا سيخدم الأمن القومي الأمريكي، لأنه «سيستعيد الدور القيادي للولايات المتحدة في الشؤون الدولية، ويقلل التوترات في منطقة الخليج». ويرى خوري أن التدخل السعودي الأول عام 2009 لصالح الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، هو ما دفع الحوثيين للتقارب مع إيران، وإن «الصراع الداخلي على السلطة في اليمن تحول لصراع إقليمي جلب الفقر والمجاعة». ويحمّل خوري أيضا إدارة اوباما قدرا من المسؤولية لدعمها الحرب بشكل غير مباشر عام 2015، موضحا أن «الدعم اللوجستي والمادي الأمريكي للسعودية لم يحقق أيا من الأهداف السعودية للحرب». ويدعّم خوري نظرته بموقف وزير الدفاع الأمريكي السابق ماتيس، الذي كان يعارض أيضا الاستمرار بحرب اليمن، لأنها «لن تنتهي بانتصار أي من الجانبين، ومن المرجح أن تتوسع وتعرض للخطر دول الخليج المتورطة، ويهدد بجر الولايات المتحدة إلى حريق إقليمي أوسع». الحوثيون هم الكتلة الأكثر قوة، بحوالي مئة ألف مقاتل وترسانة ضخمة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وتبلغ قوات حكومة هادي والموالين لها والمتمركزين في منطقة حضرموت وجنوباً في أبين نحو مئة ألف مقاتل، كما يمثل المجلس الانتقالي الجنوبي (STC) الذي يضم بعض القوات الجنوبية، يتم تسليحهم وتدريبهم من قبل الإمارات مئة ألف مقاتل. رغم الثروة السعودية، والدعم الأمريكي التسليحي والاستخباراتي، لم تتمكن من مواجهة مقاتلين جبليين يتلقون دعما من دولة شبه منهارة ما ورد في مقال خوري، كان يعكس وجهة نظر تيار أمريكي واسع، خصوصا في صفوف الديمقراطيين، كان يعمل منذ فترة على وقف حرب اليمن، ويبدو ان طول فترة الحرب من دون تمكن السعودية من تحقيق نصر عسكري، منح هذا التيار المزيد من القوة ودعّم حججه، وبدأ التململ أيضا في صفوف الاستخبارات الأمريكية، عندما تحدث ضابط في جهاز المخابرات الأمريكي لصحيفة أمريكية عن ضعف الأداء وسوء التنسيق مع السعوديين خلال الحرب، ففي إحدى الحالات أبلغ الأمريكيون الجانب السعودي عن وجود تسلل لعدد من عناصر الحوثيين عبر الحدود، ولكن الجانب السعودي لم يرد، ولم يتفاعل مع هذا البلاغ إلا بعد ساعات، تمكن خلالها الحوثيون من إتمام هجومهم والعودة لقواعدهم داخل اليمن. عموما، ستمثل حرب اليمن فشلا جديدا للرياض في مواجهة حلفاء إيران، بعد دمشق وبغداد وبيروت، باتت صنعاء مركزا جديدا للتمدد الإيراني، من خلال حلفاء محليين متماسكين، كالحوثيين، فرغم الملاءة المادية والثروة السعودية، ورغم الدعم الأمريكي التسليحي والاستخباراتي، لم تتمكن الرياض من مواجهة مقاتلين جبليين يتلقون دعما من دولة شبه منهارة اقتصاديا، وترزح تحت ثقل عقوبات أمريكية!
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص