مجتمعنا البائس..!
الساعة 07:15 مساءً

مجتمعنا يعاني فافة ثقافية كارثية، هذه الفاقة جعلته يرزح تحت وطأة البؤس الذي لا ينتهي، البؤس الذي لا يرحم. الجمود الفكري يجعل المرء عبدًا لنفسه أو لغيره، أو يجعله حيوانًا متوحشًا. احذروا الجمود! طبعًا، المثقفون الحقيقيون في مجتمعنا، هم قلة قليلة، وهؤلاء مضطهدون، ومهمشون، والأغلبية لا تصغي لهم كما ينبغي، وهنا الكارثة! مجتمعنا يعيش يومه فقط، إذ لا يفكر بأكثر من ذلك، فهو منشغِل دائمًا بما لا يضيء حياته أو ينفع مستقبله، بتاتًا. الثقافة قوة، ومجتمعنا لا يملك هذه القوة الضرورية الناهضة، لذا هو ضعيف وهش، وتفترسه الهموم والمشاكل على الدوام. مجتمعنا رجعي حدّ الإدمان، أي إنه يقتل نفسه بنفسه؛ إذ يعيش بمعزل عن طقوس وأفكار التقدمية، ثم تجده يدور خارج أجواء المستقبل أو خارج عجلة العالم الحديث. مجتمع انطوائي، مُحبَط، ممزّق، تدمره السلطات الرجعية القذرة منذُ مئات السنين! وباختصار، مجتمعنا منكوب بهذه الرجعية المتعددة، والتي تحيل الحياة إلى ظلام وخراب. والرجعية هي الرفض لكل ما هو إبداع إنساني حر أو اندفاع عصري مختلف، والدعوة العصبية إلى التمسك بأدوات ومرجعيات الماضي. الرجعية ضد الحقيقة في أغلب الحالات، عدو الحرية، وهي أيضًا كابوس (لعين!) يطيح بكل سلوك جميل أو معنى حضاري يليق بكرامة الإنسان. العقائد الجامدة والتقاليد الموروثة لا تحل المشكلات الاجتماعية المعاصرة، والرجعي هو مَن يؤمن بهذه العقائد والتقاليد التي تعادي، بل تنتهِك، حق الإنسان المعاصِر في التطور والبناء والنهوض. ومَن لا يؤمن بمبدأ التطور هو ضد الحياة، ضدها بشكل أو بآخر. ما كان في الماضي جميلًا أو صائبًا، أضحى اليوم ليس كذلك، بل أضحى "ضارًّا"، وهذا أكبر دليل على حتمية وضرورة التطور. إذن، تقديس التراث هو سبب تخلف وضياع أي مجتمع! مجتمعنا يقرأ نوادر جحا، وأشعار الجاهلية، والمواعظ المقرفة وهكذا...، ويفِرُّ دونما مبالاة من مؤلفات داروين، وكانط، وفولتير، ومؤلفات غيرهم من رجال الحرية والنهضة. ومجتمع، أي مجتمع، لا يقرأ مبادئ وبحوث واتجاهات الفلسفة، لن يكون حرًّا على الإطلاق. الفلسفة هي السبيل إلى الارتقاء بأي كائن أو مجتمع، ذلك أنها تحطم القيود وتنزع المسامير التي تقيّد العقل وتمنعه من التفكير البكر والانطلاق. والفلسفة، أيضًا، تُهذِّب الإنسان والمجتمعات. يجب أن نقرأ، بل ندرس، الفلسفة. أخيرًا، هذا مجتمع "القيل والقال"، مجتمع التصفيق والجمود فقط، لا مجتمع الحرية، والابتكار، والتحدي! - ضياف البَرّاق

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص