امين شمسان الاصبحي.
لقد تعود الناس ان يحيطوا العظماء بهالة من التقديس
الأعمى ويلبسوهم حللاً من الاعاجيب والنوادر الاسطورية ، واصطنعوا في المخيال الجمعي لهم عالماً افتراضياً يولد فيه أولئك الابطال ..ولو انا اخلصنا للحقيقة الصادقة بعيداً عن التعقيد لوجدنا ان البساطة هي كلمة السر في عظمة أي عظيم ..حاول الناس ان يعرفوا سر العظمة بعيدا عن حياة ابطالهم فأوغلوا في الافتراضات والتكهنات مبتعدين كل البعد عن الحقيقة الواضحة،ولعل شدة وضوحها هو ما يمنعنا من رؤيتها ...وهذه حقيقة من حقائق الوجود لا تقبل الجدال؛فنور الشمس الذي تتضح به الرؤيا لا نكاد نراه لشدة وضوحه وألقه.
تلك الحقيقة جالت في خاطرنا ونحن نقلب الذكريات التي جمعتنا بالقائد العظيم عدنان الحمادي،قيل عنه الكثير وسيقال عنه الكثير تقديرا واعجابا وانصافا ورثاءا ..ولكن ينبغي ان يرسخ في عقل ووجدان كل القائلين أن "عدنان الحمادي" لا يقارن بغيره،ولا تستدعى سيرته ونضاله كما تسدعى سيرة أي قائد آخر،ولا نستلهم مقاييسنا في الحكم له او عليه وفق الأحكام التاريخية المسبقة ...لقد كان أمة لوحده.
إنه الهوية الذاتية لنا التي تصلنا بالماضي البعيد ،وتمنحنا الشعور بأن مراحل حياتنا تمثل سيرورة لذات واحدة ،هذه الهوية ليست معطى خارجياً بقدر ما هو انجاز يومي حققه الشهيد الراحل في الواقع المعاش...كان وصلة بيننا وبين المع صفحات التاريخ ..التي انقطعت علاقتنا به لقرون .. "عدنان" وحده الجسر الذي عبرت من خلاله بطولة اجدادنا العظماء .. هو الذي استدعى البطولة وجسدها في حياتنا بعد ان كانت اشبه بالأطلال ...يخطى الكثير منا حين يحاول ان يزاوج بطولته مع بطولة عبدالرقيب عبدالوهاب ...فبطولة عبدالرقيب وجدت ابان دعوة الاحرار ونضالهم وفي ظل وجود نواة حقيقة للجيش الوطني انخرط فيه عشرات من القيادات الاستثنائية وتداخلت الادوار بينها وبين عبدالرقيب جنباً الى جنب ...لكن عدنان حارب وحده ...قاتل وحده... كل ألوية الجمهورية سقطت قبل المواجهة الا لواء "عدنان" ...كل القيادات تخاذلت وداهنت وباعت الا "عدنان" .. "عدنان" وحده فقط من جمع اول نواة للجيش الوطني في العين ..."عدنان" صنع الحدث صنع التاريخ.
وإذا دار الزمان دورته وسجل التاريخ كتاب المرحلة الراهنة من تاريخنا ووجدنا فيه صفحات بيضاء في سجل مسود الصحائف فلنجزم دون شك انها صفحات "عدنان" ..فسلام على "عدنان" وطوبىٰ له وحسن مآب.
انقطع اجل "عدنان" وتم كتابه وانقطع عمله إلا من عمله الممتد في تلامذته وفي الاجسام الكثيرة التي قسم جسمه فيها ..
مضى على استشهاده اكثر من 40 يوما وكلنا نصلي وما منا احد يركع كما كان يركع عدنان .!!!!
كل القلوب تسجد وتنادي ..ولكن أين خشوع "عدنان" !!!
كل العيون تدمع وما مقلة كمقلة "عدنان"!!!
فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.
2022/1/15