الثورة الوعي.
الساعة 07:10 مساءً


الثورات الإنسانية هي إفرازات لحالات وعي مستديمة بذات أهدافها الإنسانية التي تدير تروسها عقليات ثقافية جادة ترسم حركة شارع الثورة بوعي توازني كما "تدستر" للنخب وثيقة شرف منهجية يتقاسمها الجميع والجماهير بالشارع تضعها كمحددات تصبح سلوكا ثقافيا خلاقا تضمن ديمومة الانفعال الواعي والوعي اللا انفعالي وهنا تنجح الثورات.

وكما سماها الأستاذ عبدالله البردوني :
"الثورة حصاد تجريبي تحولي" ..
وبالتالي كل نتاجاتها تحرّرية قادرة على تجاوز التعقيدات الفراغيّة إلى انفعالات إنسانية مستديمة بقيادة جملة مثقفين ومفكرين وقادة رأي وآخرين سياسيين وعسكريين وإعلاميين واقتصاديين وتربويين وغيره إلا أن المثقف بهذه المعمعة هو جوهري المدى وأخواته حيث تُسند إليه صياغة البيان رقم واحد إضافة لأدبيّات أو مُسودّات وبيانات وخطابات الثّورة وكلاعب "سيكولوجي" يقف بمقدمة صف الثورة بأفكاره المرتبطة بكينونة الثورة ككيان تحوّلي، وبانفعال الشّارع كفعل تأهيلي رئيس، وبهكذا يصبح ركناً من أركانها المضمونيّة "عٓرّاباً" وللجانب الرّقابي كشوكة ميزان بوعي هو الآخر تحوّلي بامتياز. 

ولأنّ ثورته أصلاً هي ثورة وعيٍّ لا تقبل الشّكّ أو مزايدات أو تخرّصات لإخراجها عن الجادّة السّلميّة إلى اقتتال بات الأكثر مقتاً في عموم الأفكار والمناطق والأروقة اليمنيّة الباحثة هي أولاً عن أيّ تفاعل ثقافيّ نوعيّ كي تخرج من المأزق النّكد، ليبقى المثقف كحجر الزّاوية في بيت السّلام والوئام الاجتماعي بما يمتلك من فكرةٍ لتغيير ناصجة ستؤتي ثمراتها ناضجة هي الأخرى في رفع الوعي المجتمعي ليكون قادراً على تحليل أو حلحلة الأمور إلى ما هو أضمن لاستقرارٍ تنمويّ يؤمّن الحدّ الأدنى من حفظ كرامة المجتمع معيشياً وهذه هي الثّورة في الوقت الرّاهن من وجهة نظر جُلّ العقلاء.

فالثورات بمفهومها الثقافي كإحدى العمليات التأهيليّة للفكرة الإنسانية وكجزء من مشروع رفع "سيكولوجي جماهيري" لصياغة معرفيّة كفيلة برفع الوعي المجتمعي مهمّتها العميقة تحفيزيّة بامتياز، ويتصدّر الفعل الثقافي أهم تفاصيل هذه العمليّة النّوعيّة باعتباره مُفاعِلاً أنموذجياً لإنتاج شرارة هذه الثّورة الإنسانيّة القادرة على تأطير المزاج الشعبي ثم توجيهه باتّجاه صحيح كانتقال تدريجيّ سواء لذاكرةٍ جمعيّة أو أحاديّة أو غيرهما، لتبقى اختزالات التّثوير فِلزيّة نشطة من أوجه تفاعلٍ مختلفة، ولولا كتابات "فولتير" النّاريّة أو حكمة "جان كاك روسو" الثورية أو حتى موضوعيّة "بول سارتر" الوجودية التّحررية وغيرهم كمفكرين إنسانيين ومثقفين نوعيين أو قادة رأي ثوريين لما كان لهذا المثقف أي دور يذكر بهذا المضمار الثّوري السّاخن الذي قولب الثّورة بوعي هو المشروع المبدأي والمبدأ المشروع والذي اختزل كل المبادئ التغيّريّة في إطار ثوري حرّر الفرد من سلطة الطّوطميّة المسمّاة ثورة وما للثّورة لها علاقة لا من قريب أو من بعيد.

المثقف كشاهد ملك في المشهد اليمني "تحديدا" :
في الوقت الرّاهن ومع انهيار كل خطوات إنهاء الحرب وإحلال لسلام يعتمل في ضمير المثقف همّاً استنفاريّاً جادا وربما لن يُهدر أبدا طالما هو كفاعل مركزيّ منذ لحظة التّحضير الثّوري إلى لحظة السّوداويّة والتي أدّت لهكذا وضع سياسي نٓحٓـر كل عمليّة سلام من الوريد وهنا يلزم المثقف أن يبدأ بتأجيج معطياته التفكيريّة المجرّدة من أيّ "لا مُبالاة" أو غيرها كونه صاحب المبادرة في أي تغيير كان، ولكي ينتقل من حالة ركونه إلى مضمونه المتفاعل، المتفائل، الحائز على ثقة الملايين -كجماهيرٍ لن تتخل عنه في أيّ لحظة مثلما ساندته في لحظاتٍ ثوريّة سابقة، بصفته صاحب كلّ سٓبْقٍ سلميّ يتوافق ومخرجات حوار اليمنيين ومرجعيّاتهم الثلاث المشهورة عالمياً- يلزمه الثقة بمشروعه الإنساني الكفيل بإحداث شيء لردم الفجوة القاتلة المتمثلة بهذه الحرب العبثية التي طمست ملامح الثقافة الوطنية ضمن مطموسات ملمحية لأكثر من ذلك ربما بعضها الهوية، وهنا يبرز السؤال الأصعب على المثقف تحمل تبعاته :
هل ستقبل أجيال المستقبل عذر المثقف لانطوائيته ؟

كلمة حق :
باعتقادي بات من العبث المحض الحديث عن مؤتمر الحوار والمرجعيات الثلاث وهي : 
المبادرة الخليجية، قرار مجلس الأمن 2216، وثيقة مؤتمر الحوار" للتغيرات التي حصلت ولا تزال خلال الخمس أعوام الماضية فنحن بحاجة لتغييرات في رسم خارطة طريق السلام من وجهة نظر واقعية ويتوافق عليها الجميع دون استثناء بعيدا عن أية حالة ثأر لثائرين أو سياسيين، وهنا يفتترض أن يبرز دور ثقافي يغطي عيوب السياسة ويستر عوراتها من جميع الجوانب.

منصور الأصبحي

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص