بين إشكاليتين لفظية وتقنية.. نص الهايكو أنموذجا
الساعة 07:54 مساءً

هناك إشكال ما كفاصلة رقيقة جدا بين نص الهايكو ونص النثر، فالمنتمون للأول يعتبرون "نصا ما" لهم، والآخرون يعتبرونه لهم، حيث الفارق هنا غالبا لفظي وليس تقني "نقدي" ولو أتيح لأدونيس الحكم سيقول رأيه الفصل فيه لأن حاسة قياس الهايكو كفن شعري ياباني غير قياسه من خلال نص عربي اختلطت به رومانتيكيات في مخيالية الناص نفسه ما أثر على النص بشكل أو بآخر.

عقدة الإشكال تتمحور بأن أغلب النقاد العرب إلى الآن لم يكملوا تعرفهم على قصيدة النثر كقصيدة تتجدد بتجدد حداثيتها، وبالتالي يتم القفز عليها كحالة تقليدية أكثر منها تقنية علما أن الدراسات في قصيدة النثر ربما وصلت لأكثر من 800 دراسة عالمية حسب علمي أتمنى أن يتعمق فيها عربي منتم "للهايكو العربي" لكيلا تكون تلك القفزة.

أخشى ما أخشاه على #قصيدة_النثر من استدراج أسلوبيتها الاحترافية وتشويه ملامخ صورها الدياليكتية والاستدلال بتصوراتها الأبستمولوجية كجزء من إهدار تحت مسميات وأخرى ربما لا أعني به هنا نص الهايكو كفن شعري ياباني ولكن قد يلج "الهايكويين العرب" إليه قبل أن يكملوا حصة قصيدة النثر ليتعرفوا عليها بموضوعية جادة ولا تقتصر على اجتراحها كتابة بل معرفتها حقيقة ع الأقل لإنصاف ما تبقى لها من امتيازات التطور اليومي والمليء بالدهشة وبمفاجآت غيرها تتحدث عن ذاتها بدون تكلف.

فلو لاحظنا تطورات نص النثر وفق تطوره الدينامي استنادا على مضمونيته النثرية كنص "مفرق" كما وصفه بعض النقاد وباحثين في هذا التخصص الشعري بعيدا عن الومض والسرد والخاطرة سنلمح شموليته من نواح عدة ودون فرق بينه وبين "الهايكو العربي" هنا ربما يبرز لنا سؤال يفرض نفسه وبقوة منطقية :
ما الرؤية الشعرية المستقلة التي ضمن من خلالها "هايكو العرب" انتماءهم لهذا الفن الأدبي الشعري الياباني ؟ 
فإن كان الأمر أشبه بحالة مقلدة ومنتقلة دون إحراز تفوق في تأهيل الناص العربي "الهايكوي" لاستشراف صورة الشعر وموسقته وانزياحاته كحراك بنيوي في مخيالاته كشاعر حداثي أساسا فإن كانت القصة كما أشرت إليها "كمقلدة" لن توجد أي فارق إبداعي خاص قد يمكن الاتكاء عليها لتبادل معرفي، وهذا ربما ستحسمه عملية التطور المفهومي في الهايكو "الياباني" عن "العربي".

لا يمكن أن يكون الأصل كالمكرر في أغلب امتيازات الأول ما قد يشكل عيبا أيتيمولوجيا له علاقة بأصول الكلمات أو داليسكتولجيا مرتبط باللهجات وألسيمنتيكيا كرمزية لدلالة اللفظ كذلك أخرى مورفولجية كبنيوية للكلمة، بالتالي سيظل الهايكو العربي تقليديا حتى حين.

أعتقد حتى النقاشات أي كانت تفاعلاتها ونتائجها وحراكها الجاد لن تكون خارج إطار الفكرة الهايكوية العربية إلا بحالة وجود نقاد كخبراء متخصصين بالهايكو الياباني، ولا أنفي الأنموذجية على أحد وأعني "الهايكو العربي" لكن يلزمهم بأي حال توثيق صلاتهم بفلاسفة الهايكو الياباني لا بالنص "الهايكو" لأن المسألة ليست نحوية تخضع لاشتقاقات وتفاصيل أخرى بقدر ماهي رياضية جادة خاضعة لشاعرية انتظامية سنتكسية هي جزء من قياس شعري "دجماطيقي" ربط نص "الهايكو الياباني" وعن طريق المحاكاة الشعرية لنفسية الساموراي إلى عقائد لا تقبل الأخذ والرد.

بالمحصل :
ارتبط الهايكو الأصل "كفن شعري ياباني" بثقافة الساموراي وبحالاته السوسيولوجية المجتمعية، لهذا فهو يمثل دوره التاريخي والمستقبلي من صميم مسئوليته كتراكم ثقافي يتماشى مع دوره الحضاري شعرا وأخواته.

خاتمة :
يبقى "الهايكو العربي" أشبه بحالة أدبية قافزة عن واقعها الشعري العربي والتي كان يفترض استكمال حلقاتها وعدم تجاوز منظومتها سواء شعرية وشعورية أو رؤيوية إلى تقليدية ما وراء "الومض" كأحد عائلات نص النثر كجانب معرفي متاح على الأقل وبعيدا عن التكلف أيضا لتكتمل فكرة الهايكو العربي وفق تقنيات نظمية كبنيوية وخصوصيات تفصيلية لا تتحكم بها ثقافات واعتقادات ومشافهات ومحاكات الآخر "شعرا" لتراثه الديني والإنساني الممتلئ بأحداث واعتقادات لها علاقة سيكولوجية أو غيرها ببنيوية نصه الهايكو الأصل "الياباني" وهذا ربما لا يعني التوقف عن أي تبادلية معرفية -تحديدا- الهايكو لكن دون انغماسية تجرف مضمونيات تجديدية لانفتاح أدبي تراكمي يصوغ نصا حقيقيا لا منتقلا بالضرورة لسد فراغ شعري فحسب.

منصور الأصبحي

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص