معارك المثقف اليمني الجانبية
الساعة 04:28 مساءً
الرخاء الاقتصادي بالنسبة للمثقف في اليمن تحديداً ربما أشبه بمعركة طرواديّة متصلّبة المعاناة كثيفة المتطلبات من أجل إحراز ولو نسبة ممكنة جداً من بياض وجهه أمام أطفاله وأسرته لضمان توفيره ولو حداً هو أدنى من راحته المرتبطة بالنفسيّة وبالتفكير والإنتاج. حجم معاناة هذا المثقف مضاعفة، بين همومه وهموم الآخرين ولهذا فهو الأكثر حزناً وسهداً وأرقاً وقلقاً أيضاً. فالغلاء فاحش والمرتب -إن حصل له كموظّف- لا يسعفه إطلاقاً وإن أسعفه -كبياض وجه- لا يكون إلاّ إسعافاً طارئاً لا يٓسُد أقل من حاجته الموضوعية، هذا إن كان موظف! وأما أنه غير موظّف أو لا يتسلّم مرتباته أسوة بالآلاف من موظفي الدّولة قدف بهم الحظ ليكونوا بطرفٍ جغرافي يقع تحت رحمة قاطع الأرزاق فذنبه على جنبه -للأسف الشديد!- حين يتضامن المثقف مع نفسه -أولاً- كجزء من مواساة "كتخدير موضعي" هو يتجرّع مرارة الحال لكن على حساب أفكاره التنويرية التي سينتجها لاحقاً، لذلك هو لا يحاول أن يتخلّق مع وضعه المُعاش والمٓعاش معاً ولكنه يصنع مبررات جمّة ليأمن أكثر حروب المعيشة فتكاً. بالمحصّل : حين تغتلي في ذهنية المثقف أشبه بتراكماتٍ مُقاوِمةٍ للضّد الحكومي الفاسد تغتلي غيرها في أنحاءٍ متفرّقةٍ من الشارع اليومي المتأقلم مع انفعالاته المبدأيّة لمقاومته كردّة فعلٍ نفسيّة نتيجة لثقة الشارع بالمثقف وهذا الذي يستفزّ الفاسد المتّهم ما يجعله يبادل المثقف استفزازاً باعتباره عدواً في عباءةٍ وطنيّة وهو ما تنفيه المبادئ الأخلاقية لهذا الأخير المتّكئ على أكثر القيم المهْنيّة تجرداً من الفساد وأدواته. المثقف المبدأيّ هو من لا يحابي كائناً من كان، سيما حين يعمّ الفساد، ويتصلّب الاضطهاد، وتستأسد الفاقة بأشكالها الشّبحية المخيفة والتي لا تكترث بأي امتياز للمثقف الأكثر ألماً وحاجةً وإحساساً به أو بغيره، حينها تتراكم عليه مختلف الضغوطات "حسية ومعنوية"، لأجله ولأجل غيره، وبالتالي يكون عُرضةً لأيّ ابتزاز يخطط له ويديره هذا الواقع المعيشي الأكثر قسوةً ومساومةً على نجاحه الابتزازي. يحتاج المثقف لوقت حتى يتكيّف على حالاته الطارئة كبؤسه المعيشي ليكون ولو شبه آمن من غولاته واختناقاته وهذا لن يكون قريباً إلاّ إذا انتظمت ساعات المثقف أملاً مجتمعياً يرى فيه الخلاص للناس، غير ذلك سيظل عالماً من مواجع شتى لا حصر لها كونه محدوداً حِرٓفياً ودخلاً وأخرى. خارج النّص : كم أتمنى أن تساهم الدّولة بإعالة هذا المثقف المحاصر بمعاناته المتلاحقة كي تتغيّر حالته المعيشيّة كإنشاء صندوق خاص به كجزء من مساهمة حكوميّة يشاركها المثقف بنسبة أقل ليكون ريع هذا الصندوق لصالحه أسوة بثمّة صناديق هنا وهناك ولو قُدّم كمشروع متكامل لبعض المنظمات المانحة قد يجد فرصة لدعمه ولو بعد حين وقد يتحوّل لبنك كما للمزارعين "بنك التسليف التعاوني والزراعي" والذي لم يتم التلاعب به إلّا حين تدخلت فيه السياسات بهذا البلد المليء بالاحتقانات والصراعات كي يقف المثقف محتاراً وهو الآخر مليئاً بالذهول. منصور الأصبحي
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص