وداعا بارق الخير (طارق) ..!
الساعة 10:56 مساءً
عاش في الملاعب مثاليا ، حديقة أخلاق غناء لا تسمع فيها لاغية .. * كتب مشواره الكروي مع ناديه ومع منتخبات الكرة الجنوبية بهدوئه وابتسامته وثقته بنفسه وموهبته التي تخطت حدودها في زمن قياسي .. * يشهد له المدرب الكبير (غازي عوض) : لقد كان مطيعا مؤدبا ومهذبا وذا شخصية محبوبة من جميع زملائه ، بالإضافة إلى شخصيته الوقورة التي تنفذ للقلوب دون استئذان * عندما احتكر فريق (الشرطة) بطولة الدوري لموسمين متتاليين تاركا التلال قفاه يقمر عيشا ، كان فقيدنا الراحل سدا منيعا وصمام أمان حال دون بث الفوضى في أمن (الشرطة) المستتب .. * لم يحدث طوال تراكمية كروية عمرها 15 عاما أن أستخدم طرقا ملتوية لمنع مهاجم ، أو لجأ إلى العنف المفلس لمصادرة خطورة لاعب ، لقد كان قبعة واقية تحمي حصون (الشرطة) من التوغلات العبثية ، هذا لأنه كان يوازن بين المخ والعضلات حسب متطلبات الموقف .. * غادر الملاعب الجنوبية بمنتهى الأدب ، لم يطلب ثمنا لواجبه الكروي ، انتقل من صخب الملاعب و إثارتها إلى محراب العمل الوطني المقدس.. * لم يتسلق في محيط عمله مواسير الواسطات ، لم يستنجد بشيخ ، ولم يركب موجة قافزي الزانة ، تدرج في عمله خطوة خطوة معتمدا على رصيده الكبير في حب الناس وخدمتهم ، وعلى طاقته الكبيرة في تحمل مشاق وظيفة لا تعرف الراحة .. * لو كان الأمر بيدي لمنحته قبل سنوات لقب المسؤول المثالي الذي يجب أن يكون الأمين الذي يؤتمن على معاملات الناس .. * التقيته مرة في مبنى الهجرة والجوازات ، لم أكن قد تعرفت عليه وجها لوجه ، شاهدته منهكا في معاملات المواطنين والابتسامة لا تفارق محياه .. * راقبته عن بعد (مان تو مان) ولكن ليس على طريقة رقابة (جنتيللي لمارادونا) ، كان العرق يتصبب من جبينه ومن فوديه الشائبين دون أن يتوقف عن العمل ، بيني وبين نفسي حسدته على سعة صدره ، وعلى ضبط النفس ، وعلى دماثة خلقه وخفة دمه .. * سألت نفسي : ترى كم لدينا نجما كرويا احتفظ بأخلاق الفرسان، في زمن ماتت فيه القيم والأخلاق وشبعت موتا ..؟ * داهمته ذبحة صدرية وهو منكب على إنهاء معاملات الناس على مكتبه ورائحة أوراق المواطنين تزكم أنفه ، لم يتوقف وهو يخط النهاية في محراب حربه على الروتين الممل .. * فارق العقيد (طارق الهارش) ولفظ أنفاسه الأخيرة في عنابر الموت ، ولم يطلب في محنته المفاجئة تذكرة سفر ، أو معونة للعلاج في الخارج .. * مات (طارق الهارش) واقفا كالأشجار ، وهو يؤدي عمله في مكتبه بمبنى الهجرة والجوازات ، وبكاه وطنه (الجنوب) بكاء الخنساء لأخيها صخر ، هذا لأن بارق الخير (طارق الهارش) كان لاعبا محبوبا ومسؤولا مرغوبا ، وسيظل شامة وطنية على خد وطنه الذي أخلص له ومات بين أوراقه تحت ظل القمر .. * وداعا كابتن (طارق الهارش) ، فقد تخلصت أخيرا من عبء رسالتك ، عشت بيننا حياة راضية وقد ثقلت موازينك ، ورحلت بسمو أخلاقك حاملا معك قلبا أبيض من لبن الحليب ..!
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص