تشظّيات المثقف واقعاً
الساعة 06:47 مساءً
يحتاج أي مثقف بالذات مراحل الحرب إلى ترشيد دوره النوعي تنويراً وتأثيراً وتأطيراً وتنفيراً وتحذيراً وتقديراً وتفكيراً وتكفيراً عن خطيئةٍ لحقت به لممارسته اعتباطاً دوراً سلبياً بارداً -من وجهة نظر المجتمع-. هذا الدور وتلك -وجهة النّظر- قد تعايشتا اعتقاداً من الأخيرة أن هذا هو دور المثقف الطبيعيّة تجنّباً لأي ردّة فعلٍ ربما ستكون قاسية عليه وقد تؤدي به إلى مالا يُحمَد عقباه، وهو الذي تكيّف معه المثقف ذاته كجزء من هروب ناعم كتنصّل من جُلّ المسئوليّة سيما المرتبطة بإنتاج فكرة بنّاءة في بنيان السّلام أو على الأقل عدم ترك الحبل على غارب الحرب التي انتقمت من كل قيم الجمال وقبلها من روحه الطّموحة. يقف المثقف في مفترق طرق ربما تبدو مجهولة الوُجهات، الأمر الذي ألقى به دون رغبته أو الأخرى إلى معترك الحرب حتى يضمن له حظوة حضورٍ ما -بأي شكل كان- ما جرْده ولو جزئياً من استحقاقات مهْنيّة ارتبطت به منذ إعلانه مثقفاً مكتسباتياً أو تراكمياً أو غيرهما كرقم شخصي أو للرأي العام الذي هيأ له الدّعاية والإنتاج كمنحة تبادليّة إضافة لمنحه مساحة تلميعيّة خلقت له انطباعاً مجتمعياً جيداً جداً، لكن هذا بات مهدّداً بالانقراض لمواقفه المتراخية حدّ السّلبيّة من أغلب أحداث الصّراع التي استقطبته إمّا لصفوفها أو لتحييده بصورة مخجلة ما حوّله عادةً إلى متلقٍ برجماتي زاهد خاضع للمؤثرات المتصارعة إذ لم يكن شريكاً "تعبويّاً" جاداً في إنتاج ثمّة حملاتٍ تحريضيّة منمّقة للعنف أو لفلسفته أو هندسته أو لحياديّته كشأن الكثير من مثقفين تورّطوا بهكذا صفقات مدمّرة أضحى ضررها أكثر من أيّ ضرر آخر. انتفى تأثير المثقف من أغلب الأعماق أو الذهنيّات المجتمعيّة المتلقّية ثقافياً وحتى كمتابعة أو غيرها وهذا قد جعل المثقف يخسر نسبة عالية من سمعته ولُمعته وحيويّته ومن تفاؤله التّجديدي كرقم مؤثر في تدوير أيّ تروس لمرحلته بالمقابل هذا قد لا أو لن يسلبه إمكانيّة العودة لدوره الأساس كلَبِنة من لبِنات التنوير ليقود واقعه الحالي للخلاص كمخاض انتقالي بنيوي استخلصته الأمم المنتقلة عبر التاريخ بهذا المثقف الذي لا يزال يتحدث عنه التاريخ فيما بعد الثورة الفرنسيّة -الثانية تحديداً- كانتقال نوعي تحرّري وأصبح له فيه مكانته المبجّلة كحالة "ثقافية" متقدّمة ومدنيّة متحضّرة بامتياز حذت حذوها مجتمعات انتهجت ذات المشروع الذي اتكأ على ثقته بأفكار المثقف كجزء من بناء الإنسان وهو الذي أحدث تغييراّ حضاريّاً ليس له نظير. منصور الأصبحي
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص