

كشف تحقيق عسكري حديث، عن تفاصيل غير مسبوقة لما وصفه بـ"الضربات الجراحية الدقيقة" التي نفذتها القوات الأمريكية والإسرائيلية على منطقة السبعين جنوب العاصمة المحتلة صنعاء، وهي المنطقة الأخطر والأكثر تحصينًا بيد الحوثيين، والتي حولتها الجماعة إلى شريان أمني وعسكري حساس لعشرات من كبار قادتها ومنشآتها السرية.
وبحسب التحقيق الذي نشرته منصة "ديفانس لاين" اليمنية المتخصصة بالشأن العسكري، فإن هذه الضربات التي استمرت من منتصف مارس وحتى مطلع مايو، أصابت قلب الجهاز الأمني والعسكري الحوثي، واستهدفت غرف عمليات، مراكز قيادة، أنفاق ومخابئ سرية، ومنازل استخدمها القادة الحوثيون كمقار بديلة بعيدًا عن الرصد، في محيط المجمع الرئاسي وجبل النهدين شديد التحصين.
وفي واحدة من أبرز الضربات، استهدفت غارة حي 14 أكتوبر بثلاث هجمات مركزة، أصابت مقراً لجهاز الأمن والمخابرات، وغرفة عمليات، ومنزلاً مخصصاً لاجتماعات سرية. وتقول المعلومات إن بعض القيادات البارزة، وعلى رأسها مهدي المشاط ومحمد الغماري وعبدالكريم الحوثي، كانوا في مواقع قريبة من نطاق القصف.
التحقيق يؤكد أن الجماعة الحوثية طورت شبكة أنفاق ومخابئ مدفونة تحت الجبال والمنازل والأحواش، وأقامت فيها ورش تصنيع صواريخ ومسيرات، بإشراف خبراء أجانب من "القوة النوعية"، وأن بعض الغارات أصابت منشآت تستخدم لصيانة وتطوير الأسلحة.
ومن الضربات اللافتة، استهداف منزل من طابقين داخل مجمع يضم عدة فيلات غربي مستشفى القدس، ترجح المصادر أنه كان مقراً سرياً ومركز قيادة ميداني، إلى جانب استهداف سيارة تقل مسؤولين عسكريين رفيعين من القوة الصاروخية الحوثية، ما أدى لمقتلهم على الفور، بينهم مسؤول لوجستي.
ووفق المعلومات، فقد تم تفريغ حي 14 أكتوبر من سكانه منذ 2018، وتحويله بالكامل إلى منطقة مغلقة، تخضع لرقابة عسكرية مشددة ونقاط تفتيش وسواتر خرسانية. وقد تمركز فيه قادة بارزون واتخذته الجماعة كموقع احتياطي للقيادة العليا.
إضافة إلى ذلك، استهدفت الغارات وزارة الداخلية ومقرات الأمن المركزي وجهاز استخبارات الشرطة، ومواقع سرية يتحصن فيها عبدالكريم الحوثي وعلي حسين الحوثي، مما يمثل اختراقاً استراتيجياً لمفاصل القوة الأمنية للحوثيين.
ويكشف التحقيق أن من بين الأهداف المقصودة كذلك مواقع دفن وتحرك جديدة حول جامع الصالح ومقابر النجيمات والدفعي، حيث شوهدت أعمال حفر مشبوهة، وتم رصد أكوام ترابية ومعدات ثقيلة تعمل ليلاً.
هذه الهجمات، التي يُعتقد أنها جاءت ضمن عملية استخبارية موسعة وتنسيق دقيق بين واشنطن وتل أبيب، شكلت أكبر استهداف من نوعه للبنية التحتية القيادية للحوثيين في قلب العاصمة صنعاء منذ سنوات، وأحدثت هزة عميقة داخل الجماعة التي فرضت تعتيماً شديداً.
وتوقعت مصادر المنصة، أن تتواصل هذه العمليات النوعية خلال الفترة المقبلة، وسط تقارير عن نقل قادة حوثيين إلى مواقع سرية جديدة في محاولة يائسة لتفادي الرصد والتصفية.