في مشهدٍ يُختزل فيه تاريخٌ من النضال والوفاء، شهدت العاصمة اليمنية صنعاء صباح اليوم الأحد موكباً جنائزياً مهيباً شيَّعَت خلاله آلافُ القلوب الحزينة جثمانَ القيادي البارز في حزب المؤتمر الشعبي العام، الشيخ ناجي محمد جمعان الجدري، الذي رحل عن عالمنا تاركاً إرثاً وطنياً وقبلياً يُحكى به لعقود.

انطلق الموكب من المستشفى السعودي الألماني، حيث احتشدت جموعٌ غفيرة من المشيّعين، حملوا على الأكتاف جثمان الرجل الذي حوّل حياته ساحةً للدفاع عن الوطن.

عبرت الحشود شوارعَ صنعاءَ في مسيرةٍ طويلة، تخللتها هتافاتٌ تُرنم ببطولاته، قبل أن يصل الجثمان إلى مثواه الأخير في مقبرة "كولة جدر" بمنطقته الأم بني الحارث، حيث وُري الثرى بعد صلاة الوداع.

حضورٌ يُحاكي تاريخ الراحل
لم يكن الموكب مجرد مراسم عزاء، بل محطةٌ جمعت رموزاً سياسيةً وقبليةً من مختلف أنحاء اليمن، في تأكيدٍ على مكانة الراحل كـجسرٍ للوحدة الوطنية.

 ذرفت جموع المشيعين دموعاً على وجهٍ قاوم بصلابةٍ ميليشيات الحوثي خلال انتفاضة ديسمبر 2017 برفقة الزعيم علي عبدالله صالح والامين عارف الزوكا، حيث فقد الشيخ اثنين من أبنائه في معارك الدفاع عن الشرعية، ليكتب اسمه بأحرف من ذهب في سجل الأبطال.

من كان ناجي جمعان؟
وُلد الشيخ الراحل في أحضان قبيلة بني الحارث، وورث عن أجداده حكمةَ القيادة وشجاعةَ الموقف. لم يكن مجرد شيخ قبيلة، بل كان مهندسَ السلم الاجتماعي، ورجل الاقتصاد الذي أسس شركاتٍ وطنيةً، ورجل السياسة الذي وقف في الصفوف الأمامية للدفاع عن الجمهورية.

عُرف بـ"حكيم بني الحارث" لقدرته الفذة على حل النزاعات، وبتضحيته النادرة التي جعلت منه أسطورةً تُروى في المجالس.

كلمات الوداع.. دمعة الوطن
برحيل الشيخ نعمان الجدري فقدنا اليوم عموداً من أعمدة اليمن.. رجلٌ لم يخشَ إلا الله.

فلقد قدم موكب التشييعَ رسالةً واضحةً للقوى المُناوئة: "الشعب اليمني لا يُدفن رموزه، بل يخلدهم في الذاكرة والوجدان".

رحيل الجسد.. بقاء الإرث
رحل الشيخ ناجي عن 80 عاماً قضاها في بناء اليمن، لكن سيرته كـمقاومٍ وصانع سلامٍ ستظل نبراساً للأجيال. واليمن فقد اليوم أحد أبطالها الذين صنعوا التاريخ بدمائهم وإرادتهم.

رحم الله الشيخ ناجي جمعان الجدري.. رمزاً لا يُنسى.