الرئيسية - اخبار الوطن - تعز.. رحيل " شجرة الغريب"..شاهدة ألفَي عام .. على صمود بلا انكسار
تعز.. رحيل " شجرة الغريب"..شاهدة ألفَي عام .. على صمود بلا انكسار
الساعة 01:30 صباحاً

بقلبٍ أثقل من صخور جبال تعز، ودّع أهالي المحافظة اليوم رمزًا تاريخيًا كان يشهد على حكاياتهم قبل أن يولدوا.

شجرة الغريب، العملاقة التي وقفت شامخة لأكثر من ألفَي عام، انشطرت فجأة إلى نصفين، ساقطةً بخشوعٍ كأنها ترفع يديها بالدعاء الأخير.

لم يكن سقوطها مجرد حدث عابر، بل كشف عن جروحٍ غائرة في جذعها العتيق.. تجويفٌ واسعٌ كقلبٍ فارغ، وحفرةٌ عميقةٌ كجرحٍ نازف، ليُعلنَ بصمتٍ أن الإهمال قادرٌ على قتل حتى ما ظنّناه خالدًا.
تحت سماء تعز الحزينة، تحوّلت الشجرة التي كانت ملاذًا للعشاق، وظلًا للمسافرين، وحافظةً لأسرار الأجداد، إلى كومةٍ من الأخشاب المتهالكة. 

كان ابناء تعز يسمعون همسها ليلًا مع الريح.. كأنها تشكو من آلامها. اليوم فقط فهموا لغتها.
 المشهد الأكثر إيلامًا هو ذلك التجويف الداخلي الذي ظهر بعد السقوط، كأن الشجرة أرادت أن تُظهر للعالم كيف التهمها الزمن والإنسَان معًا.
شجرة الغريب لم تكن مجرد جذوع وأوراق، بل كانت ذاكرة حية شهدت صعود وسقوط ممالك ودويلات وحكومات بل ورسالات، وظلت شاهدة على الدهر، وظلّلت أحلام أطفال كبروا وصاروا شيوخًا.

اليوم، بينما يتناثر خشبها الميت على الأرض، يتساءل الأهالي: هل كان انهيارها تحذيرًا أخيرًا قبل أن تفقد تعز كل رموزها؟ أم أنها وداعٌ بلا عودة؟شجرة الغريب
اللافت في رحيل الشجرة أنها اختارت يوم الإثنين 21 أبريل 2025 لتسقط، كأنها ترمز إلى أن الفناء لا يُعلن عن موعده. 
من العار أن تموت الشجرة قبل أن يموت اللصوص.. لقد قتلت بالصمت. 
بينما يردد الجميع بمرارة: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، وكأن حال ابناء الحالمة وهم يودّعون إنسانًا.
السؤال الذي يطفو على السطح الآن: هل ستكون شجرة الغريب ضحية الإهمال الأخيرة؟ أم أن انهيارها سيكون الجرس الذي يوقظ الضمائر للحفاظ على ما تبقى من إرثٍ طبيعي وتاريخي يُحكى عنه، ولا يُرى؟