الرئيسية - تقارير - تقرير: كيف دعمت الشرعية إذاعات صنعاء وقناة المهرة؟
تقرير: كيف دعمت الشرعية إذاعات صنعاء وقناة المهرة؟
الساعة 10:49 صباحاً
اقراء ايضاً :
�فتراض أنه عمل منظم وناتج عن تفكير منطقي، هل من المعقول أن تترك الشرعية مناطق سيطرة الحوثيين حكراً على الجماعة لترسم وتوجه الرأي العام فيها بدون أية وسائل إعلام حكومية تستهدفها، وتذهب إلى أقصى الشرق لتفتتح مشروعي قناتين في المهرة وحضرموت؟! ليس الخطأ في فتح قناتين للمهرة وحضرموت، بل في ترك المجال العام حكراً على الحوثيين في مناطق سيطرتهم، فهناك أكثر من 27 إذاعة محلية بصنعاء تابعة أو موالية للحوثيين، وتلك القليلة جداً التي لا تتبع الجماعة يتم فرض برامج يومية جاهزة عليها لتبثها عبر ترددها للجمهور دون أية قدرة على الاعتراض، بينما لا تجد إذاعة واحدة تمثل رأيا مختلفا وليس شرطاً أن تتبع الحكومة المعترف بها دولياً. تمثل هذه السياسة امتداداً لترك المجال السياسي بمناطق الحوثيين حكراً على الجماعة وإفراغها من أي نشاط حزبي مناهض، بدعوى أن العمل العسكري كفيل باستئصال الجماعة وإزاحتها من السلطة، وهو ما لم يتم السماح به حتى الآن، لكن الحوثيين استطاعوا خلال قرابة الأربعة أعوام أن يعيدوا توجيه الرأي العام في كثير من المناطق، واستقطاب الرأي المختلف عنهم سياسياً وفكرياً بعمل منظم ومخطط بدقة، وكل ذلك تم خصماً من وجود الشرعية ومن ينضوي تحت مظلتها السياسية. تقوم وسائل إعلام الحوثي بتضليل الرأي العام الذي لا يجد بديلاً عنها ليستمع منه أو يعرف من خلاله، ذلك أن القنوات الفضائية أقل تأثيراً من الإذاعات المحلية بحكم محدودية الوصول إليها في مناطق أصبحت الكهرباء فيها شيئا من الماضي، وأصبحت الإذاعات أسهل وصولا وأكثر انتشارا وتأثيرا. من جانب آخر فإن الضخ الفكري الطائفي المتواصل والكثيف دون رأي مختلف عنه، يجعل الكثير من سكان البلد عجينة سهلة التشكيل في بلد يعاني من الأمية بنسبة مرتفعة، ويعتبر وسائل الإعلام وما يرد عبرها حقائق مطلقة في أغلب الأحيان، وظهر أثر ذلك على الأرض عبر موجات التشييع وإحياء المناسبات الدينية الخاصة بطائفة محددة. تتلاشى المناسبات الوطنية في الذهنية العامة والعقل الجمعي لليمنيين لصالح مناسبات طائفية، وتتلاشى أحاديث الديمقراطية لصالح الولاية، والانتخابات لصالح الاصطفاء الإلهي المزور فكرة وأثراً، فمن سيعالج هذه الآثار مستقبلا؟! هناك إذاعات (FM) متنقلة للحوثيين في جبهات القتال يبثون منها أفكارهم وتوجهاتهم في المناطق التي تدور فيها المعارك، كما حدث في تعز، ويقومون باستخدام مكبرات الصوت من المساجد لبث الزوامل الحماسية وخطب عبدالملك الحوثي لمقاتليهم، ولا يقابلها أي جهد على الطرف الآخر، بينما يطالب بعض أدعياء وأبواق الشرعية هذه المناطق التي لا تراهم ولا تلمس أثرهم بالثورة على الحوثي!!! يتنافسون على إطلاق مواقع إلكترونية غبية وبلا أفق ولا رؤية ولا خيال، ولا مشروع، ومهما بلغ تأثير هذه المواقع فإن تأثيرها يقتصر على النخبة القادرة على الوصول إليها، على افتراض أنها تقدم شيئاً يستحق، بينما يتفرغ الحوثيون للوصول إلى العقل المغيب والأذن المنسية والعين المهجورة من قبل الشرعية في الأوساط الأكثر أمية، وبالتالي فإن النتائج واضحة ولا تحتاج لذكاء. إن ترك مناطق سيطرة الحوثيين مغلقة عليهم وعلى وسائل إعلامهم أكثر خطورة من تركها لهم سياسياً أو عسكرياً، لأن أثر ذلك أطول مدى وأعمق تأثيراً، وما لم تنتبه الشرعية لهذه الثغرة والخطيئة العظمى وتعالجها عاجلاً، فإنها إما متواطئة أو غبية ولكل من الصفتين مؤشرات خطيرة لمن أراد التوقف عندهما، أما التفاخر بإطلاق قنوات في المناطق الأكثر استقراراً وبعداً عن سيطرة الحوثيين فإن رجل أعمال حضرمياً واحداً قادر على إطلاق عشر قنوات فضائية بشيك واحد.