

على أعتاب العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين , كل شيء تغير تقريبا ابتداء من الذرة وانتهائا بالعقل الذي اكتشفها . الأنظمة الاجتماعية في تغير مستمر . والتطور الذي تعيشه البشرية بات ملحوظا .
كل شي في تقدم وتغير مستمر. الا القوانين التي تتعلق بالمرأة وحقوقها فلم يحدث فيها اي تغيير فعلي كل ماهنالك أحبار تكتب على السطور وخطابات دينية هنا وهناك اجتماعات دولية وندوات محلية وناشطون وناشطات بحت أصواتهم ولا مجيب .. باختصار شديد لم يزل النساء يعشن في العصور الغابرة. .ظلم وقهر , جبن وذل , خوف وغضب , اغتصاب وتعدي قوانين ظالمة وعادات اجتماعية مقيته ونضال مزور ومسح متعمد من التاريخ .
تعيش المرأة في وقتنا الحاضر أسوء فترة زمنية مرت عليها مذ مجيئ حواء عليها السلام مقارنة بالتقدم الملموس الذي حققته البشرية في الحاضر ففي غرب الكرة الأرضية قوانين صاخبة تتاجر بالمرأة لتحقيق أرباح مالية وفي شرقها قوانين المستبدين التي الغت دورها وجعلتها كالجارية وأوهمتها أنها جسد دون عقل او فكر مما جعلها تعتقد ان وظيفتها الطاعة لبيت الزوجية والاخلاص له وجعلت من الطاعة معيارا أساسيا للشرف والذي يبدو وكأنه أمر خاص بهن ووصل تراجع العقل البشري الى الحد الذي جعله يؤمن بأن شرف المرأة بيولوجيا.
مظاهر التحرش بالفتيات على أرصفة الطرقات لا تنتهي وهي قضية مهمه وينبغي الحديث عنها والإسراع بابتكار الحلول للحد من انتشارهاو الكثيرون من الناشطات النسويات حملن على عاتقهن هذه المهمة النبيلة وقد حققن الكثير في سبيل تحقيق أهدافهن . وقد قرأت العديد من المنشورات على فيسبوك وكذلك العديد من المقالات التي تتحدث عن قضية التحرش .
وإنني لاظهر استغرابا كبيرا كلما تردد هذا السؤال في خاطري لماذا لا يتحدث الناشطون عن قضية الاذلال وامتهان كرامة المرأة المتزوجة التي لا يبخل زوجها الذكر في ان يلحق بها أشد الاضرار نفسيا وجسديا ؟ ولماذا لا تظهر هذه الحالات على السطح لتكون محل اهتمام بالغ من قِبل العاملين او المتطوعين في هذا المجال؟؟
نسبة النساء اللاتي يتعرضن للعنف الجسدي ومايلحقه من اثار نفسية لربما تجعل المرأة تلجئ الى الانتحار لتتخلص من كل مالحقها في ظروف بيئية معقدة وقوانين دستورية تظهر بوضوح نسبة عدائها للمرأة وعادات وتقاليد واعراف بائسة تحرم على المرأة ان تتحدث بما تلقاه من حياة أشبه بالجحيم وكثيرا ماسمعت هذه العبارة من امهاتنا وجداتنا "المرأة الشريفة هي التي تصبر" أكبر بكثير من أولئك اللاتي يتعرضن للتحرش على أرصفة الطرقات.عادات وتقاليد تحرم على المرأة العمل. العمل الذي يعتبر أحد اهم العناصر لتحرير المرأة واستقلالها بفكرها ورأيها .
ان أكثر مايخيف الفتاة هي لقمة عيشها فهي مستعدة ان تضحي بنفسها وكرامتها في سبيل تحقيق الامان الاقتصادي وبناءا على هذا فان تحقيق الامان الاقتصادي للفتاة لن يتحقق الا بالطاعة فوالدها ينفق عليها مقابل طاعتها له واستجابتها لاوامراه ومقدار حبه لها بمقدار طاعتها له وهذا يتكرر بمجرد الخروج من قفص الابوه والدخول الى قفص الزوجية.
لاشيء سيحرر المرأة وعقلها وفكرها سوى استقلالها الاقتصادي والمادي وهذا الشرط ينطبق ايضا على دول العالم الثالث فلكي تتحرر من التبعية والاستعمار عليها ان تستقل اقتصاديا وماديا وفي سبيل ذلك تقول د.نوال السعداوي " يفقد الانسان كرامته اذا عجز عن الانفاق على نفسه."
كم نسبة النساء اللاتي يعملن ؟ ان النساء اللاتي يعملن هن أقل تعرضا للعنف من قبل ازواجهن من أولئك اللاتي لا يعملن .. اوهموكِ بأن وظيفتك الانجاب وتربية الاطفال والطبخ وغسل الملابس وكنس الارض لقد أساؤا لكِ ولكن إساءتك لنفسك كانت أشد حينما صدقت الوهم الذي خدعوك به وبعد ان وصلت الى مرحلة معينة وقمتِ بتنفيذ كل ماطالبوك به دون نقاش او سؤال وبعد ان شاهدت افعالهم القذرة أصبحتِ تفضلين الموت وتطلبينه كل لحظة لكي تتخلصِ من الحياة بأسرها.
انني أشعر باليأس لواقع النساء اللاتي لا يستطعن ان يوصلن أصواتهن للرأي العام نتيجة الخوف الذي نشأن عليه في مجتمعنا المليئ بالشوائب واللغط هذا المجتمع الأبوي الطبقي العنصري الذي جعل من الذكر رمزا مهما واعلى شأنه وجعله في اعلى الدرجات واستنقص المرأة حتى أوصلها الى أسفل الدركات.
محمد القليصي كاتب صحافي.