في مشهد يعكس تصاعد القلق داخل الأوساط القيادية لجماعة الحوثي، شرعت الميليشيا مؤخرًا في فرض إجراءات أمنية صارمة غير مسبوقة على عدد من كبار الضباط وأعضاء مجلسي النواب والشورى المقيمين في العاصمة صنعاء، وسط مؤشرات تؤكد تزايد محاولات الهروب والانشقاق عن الجماعة.
مصادر أمنية مطلعة أفادت بأن أوامر مباشرة صدرت من عبد الكريم الحوثي، وزير داخلية الحكومة غير المعترف بها وعم زعيم الجماعة، تقضي بفرض رقابة مشددة على هؤلاء المسؤولين، وتقييد تحركاتهم بشكل كامل.
وشملت التعليمات تفعيل نظام مراقبة لحظي من خلال تركيب كاميرات عالية الدقة حول منازلهم وربطها بغرف عمليات مركزية يشرف عليها نجل مؤسس الجماعة حسين الحوثي.
التوتر الحوثي المتصاعد يأتي على وقع محاولات تسلل متكررة من قبل شخصيات قيادية بارزة كان آخرها إحباط فرار الشيخ محمد أحمد الزايدي، الذي تم توقيفه الأسبوع الماضي في منفذ صرفيت الحدودي بمحافظة المهرة، أثناء محاولته مغادرة البلاد بجواز دبلوماسي صادر عن سلطات الجماعة في صنعاء. العملية التي تحولت لاحقًا إلى مواجهة دموية، كشفت عن حالة ارتباك في بنية الجماعة الأمنية والسياسية.
وبحسب المصادر، تمركزت دوريات حوثية ثابتة في محيط منازل الشخصيات الخاضعة للإقامة الجبرية، وتم تعيين عناصر مرافقين من الجماعة لمتابعتهم على مدار الساعة، مزودين بصلاحيات تنفيذية لاستخدام القوة حال رُصدت أي محاولة تواصل أو مغادرة غير مصرّح بها.
الخطوة، التي توصف داخل بعض الأوساط بأنها "هوس أمني" متصاعد، تعكس حجم الشكوك التي باتت تسيطر على قيادات الجماعة تجاه حتى أكثر المقرّبين منهم. كما تؤكد أن ما كان يُدار في السابق خلف الأبواب المغلقة بات اليوم يُنفذ علنًا، في مشهد يشي بانحدار منسوب الثقة داخل الدائرة الضيقة للحوثيين.
وتزايدت في الآونة الأخيرة التقارير عن حالة من الانقسام العميق داخل هيكل الجماعة، في ظل الضغوط الدولية والعمليات العسكرية والتصنيفات الإرهابية، التي دفعت كثيرًا من القيادات للتفكير في المغادرة أو الانشقاق، وهو ما تحاول الجماعة احتوائه بالقوة والرقابة الأمنية المشددة.
القلق الحوثي اليوم لا يتمثل فقط في خطر الخصوم، بل في الخوف من الداخل، من رجالهم، ومن اللحظة التي قد يستفيق فيها البعض ليغادر المركب الغارق.